الأربعاء، 29 أغسطس 2018



الإخوان المسلمون والعنف: "معالم في الطريق" أخطر وثائق التكفير (3)



قلت في مقال سابق إن استخدام الإخوان المسلمين للقوة كوسيلة للتغيير وللتكفير وإقصاء المنافسين والخصوم، لم يكن ناتجا عن ردة فعل للعنف الذي مورس تجاههم من قبل النظام الناصري كما يزعمون، بل هو وليد المنهج الذي وضعه المرشد المؤسس حسن البنا وبنى عليه سيد قطب من بعده. 

يعتبر كتاب "معالم في الطريق" للأستاذ سيد قطب أخطر وثيقة مؤسسة للفكر الجهادي العنيف الذي انتظم في مصر والعالم الإسلامي في النصف الثاني من القرن الفائت وبداية القرن الحالي. وقد كان لهذا الكتاب الصغير الحجم أكبر الأثر في نفوس قادة الحركات الإسلامية العنيفة بمختلف مسمياتها. 

وكان الدكتور عبد الله عزام الأب الروحي للمجاهدين العرب في أفغانستان وأستاذ أسامة بن لادن، وهو فلسطيني الجنسية تلقي تعليمه بجامعة القاهرة في مصر، قد كتب عن المصادر التي تأثر بها وشكلت أفكاره الجهادية بقوله: "والحق أنني ما تأثرت بكاتب كتب في الفكر الإسلامي أكثر مما تأثرت بسيد قطب، وأني لأشعر بفضل الله العظيم عليّ إذ شرح صدري وفتح قلبي لدراسة كتب سيد قطب، فقد وجهني سيد قطب فكريا وابن تيمية عقديا وابن القيم روحيا والنووي فقهيا. فهؤلاء أكثر أربعة أثروا في حياتي أثرا عميقا". 

طرح قطب في كتاب "معالم في الطريق" الأفكار الأساسية التي أصبحت المحرك الأول للجماعات العنيفة 

ويقول عزام إن سيد قطب "مضي إلى ربه وترك التراث الضخم من الفكر الإسلامي الذي تحيا به الأجيال، بعد أن وضح معاني غابت عن الأذهان طويلا. وضح معاني ومصطلحات الطاغوت، الجاهلية، الحاكمية، العبودية، الألوهية، ووضح بوقفته المشرفة معاني البراء والولاء والتوحيد والتوكل علي الله والخشية منه والالتجاء إليه. والذين دخلوا أفغانستان يدركون الأثر العميق لأفكار سيد في الجهاد الإسلامي وفي الجيل كله فوق الأرض كلها، إن بعضهم لا يطلب منك لباسا وإن كان عاريا ولا طعاما وإن كان جائعا ولا سلاحا وإن كان أعزل ولكنه يطلب منك كتب سيد قطب". 


ويذكر المحامي هاني السباعي العضو السابق في جماعة الجهاد أنه سأل الدكتور أيمن الظواهري مؤسس جماعة الجهاد المصرية والرجل الثاني في تنظيم "القاعدة" السؤال التالي: ما الذي دفعك إلى تأسيس هذه المجموعة وقد كنت لا تزال طالبا في الثانوية العامة في مدرسة المعادي؟ فأجابه الدكتور الظواهري بأنه تأثر أول ما تأثر بكتابات الأستاذ سيد قطب، تأثر بمشروع قطب من خلال القراءات والكتابات البليغة والوضوح في تشريح الواقع، وقد وصف الظواهري الأستاذ قطب بأنه "مثل الطبيب الشرعي الذي يشرح الجثة بمهنية وتقنية عالية وكأنه يعرفها بأدق تفاصيلها". 

وفي كتابه "فرسان تحت راية النبي" قال الدكتور الظواهري عن سيد قطب: "لقد أكد سيد قطب مدي أهمية قضية التوحيد في الإسلام وأن المعركة بين الإسلام وأعدائه هي في الأصل معركة عقائدية حول قضية التوحيد أو حول لمن يكون الحكم والسلطان، لمنهج الله ولشرعه أم للمناهج الأرضية والمبادئ المادية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق